السبت، 9 سبتمبر 2006

مقترحات حول اليوم الوطني لبث روح المواطنة في الجيل الناشئ

بعد أيام قلائل ستحل علينا ذكرى عظيمة وغالية على كل مواطن ومواطنة في هذا البلد الأمين ألا وهي ذكرى اليوم الوطني الـ 76 والذي يوافق اليوم الأول من برج الميزان الموافق لـ 23 من سبتمبر من السنة الميلادية. ذكرى توحيد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه، لهذه الدولة الطيبة (المملكة العربية السعودية)، تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله بعد أن أمضى أكثر من ثلاثين عاماً على ظهر جواده يصول ويجول، من ملحمة إلى ملحمة، ومن بطولة إلى بطولة فحول أجزاء الجزيرة العربية إلى كيان كبير هو وطننا الحالي، وبدل القبائل المتناحرة إلى أمة واحدة هي الشعب السعودي.
وكان اليوم الفاصل هو الأول من برج الميزان عام 1350 هـ الذي شهد ولادة الدولة السعودية الثالثة، فانتهت حقبة الظلام والجهل والتخلف والتناحر، وبدأت حقبة النور والعلم والتقدم والتآلف وستستمر بمشيئة الواحد الأحد إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.وفي هذا المقال فإنني لن أسلط الضوء على مآثر الملك عبد العزيز رحمه الله، لأني لو أردت ذلك لاحتجت إلى بحر من المداد وأطنان لا تعد ولا تحصى من الورق، ولكني سوف أتناول جانباً مهماً من جوانب هذا الموضوع، فالكل يعلم أننا لم نكن نعطي اليوم الوطني حقه في السابق كما يجب - ربما بسبب بعض الحجج الواهية والتي لم تكن ترتكز على قاعدة قوية فيما تذهب إليه - فنشأ لدينا جيلٌ تنقص بعض أفراده الثقافة الوطنية وربما الانتماء الوجداني للوطن أيضاً. فقبل سنتين خلتا لو سألت السواد الأعظم من الناس عن اليوم الوطني لما حددوا لك في أي يوم يكون، ولكن الحصول على إجازة فيه غير الكثير، فكلهم الآن يعرفون، حتى غير الموظفين منهم. ولا يخفى على الجميع أن فراغ الروح الوطنية عامل حافز على تفاعل الأفكار التي تضر بالوطن، فالفئة الضالة التي تحاول أن تعبث بأمن وطننا وحاولت النيل من مقدراته يحلق بها جناحان: التطرف الديني وانعدام الروح الوطنية. وأما من غرست فيه محبة الوطن فلن يعبث به بأي حال من الأحوال.
ولبث روح المواطنة والوطنية في هذا الجيل فإني أرى أن هناك عدة نقاط حبذا لو تطبق ابتداء من السنة المقبلة - لأنها تحتاج إلى جهد كبير - وهي كالتالي:
1- أن تبدأ مظاهر الاحتفال باليوم الوطني من اليوم الأول من شهر سبتمبر، فتعقد الندوات وتقام المسابقات وتنظم البرامج التي تشتمل على الكلمات والأناشيد والعروض المسرحية والأوبريتات المعبرة عن هذه المناسبة وتنتهي في الرابع والعشرين من نفس الشهر.
2- أن تُخصص الإذاعة المدرسية للحديث عن الوطن ومكانته وأهميته وعن المؤسس لهذا الكيان العظيم وما قام ويقوم به أبناؤه من بعده من جهود جبارة لتحقيق أعلى رفاهية للمواطن وكذلك دورهم العظيم في إحلال الأمن والسلام الدوليين. وتقوم جماعة النشاط والفنية بتزيين جنبات المدارس بعبارات الحب والولاء تعلوها صورٌ للمؤسس وأبنائه القادة.
3- أن تقيم المحافظات والمراكز التابعة لها احتفالات بهذه المناسبة يشارك فيها جميع المواطنين صغاراً وكباراً رجالاً ونساءً مع مراعاة الخصوصية للنساء.
4- أن تكون خطب الجمع في شهر سبتمبر حول بيان أن الاحتفال باليوم الوطني ليس بدعة - لئلا يقع عامة الناس في حرج من دينهم فيمتنعوا عن حضور مثل هذه الاحتفالات أو المشاركة فيها اعتقاداً بتحريمها - فهو ليس عيداً خُص بنوع معين من العبادات كعيد الفطر وعيد الأضحى وعيد الأسبوع، وإنما هو فرصة للتعبير عن حب الوطن كما أفتى بذلك الكثير من علماء الدين الأفاضل.
تلك هي النقاط التي أقترحها وقد اجتهدت - والمجتهد إن أصاب فمن فضل الله وإن أخطأ فمن نفسه والشيطان - في أن تكون شاملة لكل ما من شأنه أن يُعرف الجيل الجديد بوطنه فالجاهل بالشيء لا يقدر ثمنه، وأن هذا الوطن لم يصبح هكذا بالصدفة ولا بالجهد اليسير وإنما بتضحية وإقدام رجل كان مؤمناً عميق الإيمان برسالته، لم يهدأ له بال ولم يهن ولم يركن للدعة،بل بذل كل غال ونفيس وجاهد هو ومن معه من الرجال المخلصين، ليقيم شرع الله وينشر الأمن والعدل والعلم، ويرسي قواعد هذا البيت الكبير ذي الخير الوفير ليكمل أبناؤه البناء من بعده.
وفي الأخير أود أن أشير إلى أن المواطنة والوطنية ليستا فقط كلمات تقال أو شعارات تطلق ولكنهما الانتماء العضوي والولاء الروحي للوطن، بحيث نعيش فيه ويعيش فينا، نحافظ على وحدته وأمنه، وعلى مدخراته وثرواته، ونقدم مصلحته على المصلحة الخاصة، ولا يمكن تحقيقهما إلا ببث الروح الوطنية في جميع المناشط - بدون الاقتصار على وقت معين - وأخص بهذا المراكز الصيفية والمخيمات الكشفية التي تقيمها المدارس، والتركيز على شريحة الجيل الناشئ، وبيان ما لوطننا من أفضلية ومكانة خاصة لدى المسلمين وغير المسلمين، أليس هو البلد الذي اتخذ القرآن دستوراً والدين منهجاً؟ أليس هو مهبط الوحي وقبلة المسلمين؟ أليس هو من يبادر إلى مساعدة المحتاجين وإغاثة المنكوبين أينما كانوا ؟ ألا يستحق منا أن نفخر به ونحافظ عليه وندافع عنه؟! بلى وألف بلى.