قبل كل شيء أبعث أسمى آيات التهاني لكل للجميع بمناسبة سلامة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز من محاولة اغتياله التي نفذها ذلك الخارجي المجرم الإرهابي. لا عجب فالخوارج السابقين قتلوا عثمان بن عفان, وقتلوا علي بن أبي طالب, وقتلوا الزبير بن العوام والكثير من خيار الصحابة وعلى خطاهم يسير خوارج هذا الزمان, فيرون أن الخروج على ولي الأمر من الدين.
إن صاحب السمو الملكي مشهور بعطفه وطيبته وتسامحه وهذه الصفات جعلت ذلك الإرهابي يستغلها لأن يقترب من الأمير بنية سوء ولكن الله سلم ورد كيده في نحره. إن الجماعات الإسلامية المتطرفة غير مأمونة الجانب فدينها القتل وديدنها الغدر وأول ضحاياها هم المتعاطفون معها, فالرئيس المصري السابق أنور السادات أطلق العنان لجماعة الإخوان المسلمين وأخرج قيادييهم من السجون وحقق مطالبهم وانحاز لهم حتى أطلقوا عليه " الرئيس المؤمن" وتم اغتياله على أيدي جماعة الإخوان المسلمين !!! فهل نعي الدرس ؟
إن المعالجة الأمنية غير كافية للقضاء على الإرهاب أبداً ما لم تجفف منابعه ويجتث من جذوره, وهذا لا يتأتى إلا بمعالجة فكرية جادة وصارمة. لقد بدأ الإرهاب في السعودية قبل أربعة عشر عاماً بتفجير العليا في الرياض. والآن نرى يد الإرهاب تحاول النيل من رجل الأمن مساعد وزير الداخلية, ولا أجد لاستمرار الإرهاب بل وزيادة حدته سبباً؛ إلا عدم مواكبة المعاجلة الفكرية للمعالجة الأمنية, لذا فيجب إعادة النظر في الخطاب الديني بشكل عام, فعدم التركيز على أهمية تجديد الخطاب الديني هو ما جعل بعض أعضاء مواقع الإنترنت التي تصنف نفسها متدينة يشكك في محاولة الاغتيال, وبعضهم ينسبها إلى غير الفئة الضالة في محاولة لخلق فوضى تبعد الأنظار عن هذه الفئة وتبرئ ساحتها. إنا لله وإنا إليه راجعون وحمداً لله على سلامة الأمير محمد .
الجمعة، 28 أغسطس 2009
الأحد، 14 يونيو 2009
ربط أحداث العيص بالذنب فقط؛ خطأ من؟
منذ أن بدأ النشاط الزلزالي والبركاني في منطقة العيص قبل عدة أسابيع والخطباء يتسابقون في استغلال هذا الحدث في توجيه العباد إلى العودة لله سبحانه وتعالى والإقلاع عن الذنوب والخطايا وهذا طيب إلا أن الكثير منهم ذهب أبعد من ذلك حيث نسب هذه الهزات إلى استحلال الزنا وشرب الخمور وأكل الربا وانتشار آلات اللهو والمعازف وأن هذا الزلزال ما هو إلا عقوبة إلهية منه سبحانه وتعالى أرسلها للبشر فإن تابوا وإلا محقهم بهذا الزلزال أو ذاك البركان خسفاً وحرقاً وجعلهم عبرة لغيرهم, فهذا خطيب يعلل ما يحصل فيقول: "... كل ما يحدث في الوجود من الزلازل فكله بسبب الشرك والمعاصي" وآخر سخر من تصريحات الجيولوجيين وتحليلاتهم العليمة وقال: "وأما التفسيرات المادية التي تقول: بأن هذه المنطقة منطقة زلازل منذ القدم، ومواضع لبراكين خامدة منذ الأزل، وأن لها تاريخاً في ثوران البراكين والهزات، وأنها أمر طبيعي... فهذا تفسير من ابتعد عن نور الوحي.. وهو من تزيين الشيطان" إلى آخر ذلك من صنوف استغلال المصائب في تسويق الأفكار والمعتقدات الخاصة على المنابر والتشكيك بالنظريات العلمية المستندة على براهين لا على خطب إنشائية.
وفي المقابل انبرى عدد من كتاب الصحف للتصدي لمثل هؤلاء الخطباء والوعاظ والرد عليهم وألا ذنب لأهل العيص في هذا وإنما هو حدث طبيعي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحركة النشطة للقشرة الأرضية في منطقة الحزام الزلزالي الذي تشكل المنقطة الشمالية الغربية والجنوبية الغربية من المملكة جزءاً منه وهذا مبني على نظريات علمية قائمة على البراهين ولم تأتي إلا بعد مراحل عديدة من الملاحظات والاكتشافات والاختبارات والاستنتاجات, فهذا الكاتب عبده خال يقول عن من قرن الزلازل بالذنوب والخطايا إن: "هذا المنطق أراه عجيبا وتغييبا للمعارف العلمية التي غدت من بديهيات علم الجيولوجيا,... وأن تقرن الزلازل أو البراكين أو ثورة الأعاصير بالذنوب والخطايا في بلد دون سواه هو قصور في المعرفة، ولو سايرنا هؤلاء الخطباء بأن أهل العيص أذنبوا فنزل بهم عقاب الله، فإن هذا العقاب كان من المفترض أن يصيب مواقعاً أخرى من العالم لكثرة الذنوب والمعاصي في المدن مثلا.." وهذا فارس بن حزام يقول: "لا شيء يثير السخرية هذه الأيام أكثر من قول فقيه أو نحوه في هزات غرب البلاد من كون مصدرها معاصي وذنوب السكان". ويطالب الكاتب وزارة الشؤون الإسلامية بفحص الدعاة منعاً للإحراج ولغلق باب التفسيرات السلبية التي تصدر منهم تجاه كارثة معينة فيكون الوضع محرجاً للغاية وأن "الناس مازالت تذكر قول أحد الدعاة المفتين في زلزال تسونامي، الذي أصاب مسلمي الشرق الآسيوي، الداعية / المفتي اختزل أسباب الحادثة علميا" في سبب واحد؛ أن أناس أندونيسيا كثرت معاصيهم!".
لو كنت مكان الكاتبين الكريمين لما ألقيت اللوم على الخطباء والوعاظ والدعاة؛ فهذه التصورات إنما ألقتها عقولهم الباطنة على ألسنتهم فإن كان ثمة خطأ فليس خطأهم ولا خطأ وزارة الشؤون الإسلامية بل خطأ وزارة التربية والتعليم فهي التي نشأتهم على هذا القول في صغرهم وغرست هذه الأفكار ومثيلاتها من المعتقدات في عقولهم الباطنة منذ نعومة أظفارهم فغدت كالنقش في الحجر على قلوبهم كون أول ما تلقوه من العلوم والمعارف كان على مقاعد وزارة المعارف – التربية والتعليم حالياً – ومازالت وزارة التربية تنهج هذا النهج, لذلك فإن المطالبة بوجود جامعات علمية متخصصة في هذا الشأن أو مراكز لدراسة الزلازل لن يغير من الوضع القائم شيئا ولن يعدل تلك التصورات عن أسباب الكوارث الطبيعية طالما أن مضمون المنهج لن يتغير.
في مقرر الجيولوجيا (علم الأرض) للصف الثاني الثانوي وفي موضوع الزلازل والبراكين صفحة 143 وتحت عنوان "من آيات الله في الكون" ورد في المقرر وبالحرف الواحد: "أنها من جند الله التي يسخرها عقاباً للمذنبين وابتلاءً للصالحين وعبرة للناجين.." أما في منهج الجغرافيا للصف الأول الثانوي وعن نفس الموضوع في الصفحة 58 فورد تفسير أشد حدة من سابقه ربما لكون متلقيه أصغر سناً وأشد تأثرا وتصديقا؛ فبعد أن ساق المقرر شهادة بعض الناجين من الزلازل الذين وصفوا فيها لحظات الهزة وصراخ النساء والأطفال علق على ذلك بالقول: "ولا ريب أن هذه صورة من صور العقاب الرباني لأمم كافرة أو أمم مسلمة خالفت منهج الله وابتعدت عن طريقه" والغريب أن المقرر آنف الذكر لم يتطرق لاحتمالية كونها ابتلاء للصالحين, فإذا أردنا أن ننظر لحال أهل العيص من خلال هذا التفسير فلن يسع القارئ إلا أن يضع يديه فوق رأسه ويطلب من الله الصفح عنهم ويدعو لهم بالهداية والتوبة. أما في مقرر الجغرافيا للصف الأول المتوسط الصفحة 63 فقد وضع ما هو أبلغ من ألف كلمة وهي صورة لإحدى القرى الفقيرة في بلد مسلم وقد تعرضت لزلزال مدمر حيث تهدمت المباني وبقي المسجد وكتب تحت الصورة: "بقي المسجد وتهدم ما حوله" ولم يتطرق للمبنى الكبير القائم خلفه! فعند سؤال الطلاب معلمهم – ودائما ما يسألون عن السبب - فبما ذا سيجيبهم المعلم؛ هل سيقول لأن البيوت مبنية من الخشب والصفيح والمسجد مبني من الخرسانة؟ أم سيقول لأن البيوت تلك أسست على الفجور والمسجد أسس على التقوى أم سيقول إن ناس هذا البلد كثرت معاصيهم؟! اسألوا أبناءكم بما ذا أجابهم معلموهم, ولا تلقوا باللوم على الخطباء والوعاظ والدعاة فقد كانوا على ذات الكراسي ويقرؤون نفس المقرر ويشرحه لهم نفس المعلم, ومن أبنائكم من سيكون في مكانهم اليوم, ويفسر نفس تفسيراتهم طالما أن المنهج نفسه!!
السبت، 13 يونيو 2009
مشاغبي فلم مناحي يحييكم التعليم
يتفق الإنسان العادي وغيره على أن ما فعله مجموعة من الشباب الصغار المتحمسين للاحتساب, من محاولة لإيقاف عرض فلم "مناحي" هو جرم خطير وقفز على القوانين وتمرد على النظام, إلا أن الإنسان العادي يرى أنهم مجرمون ومتطرفون وعدوانيون, ويحملون في عقولهم الباطنة أيديولوجيا فاسدة حملوها من مواقع الإنترنت المشبوهة أو من ملاليهم الضالين المضلين, وبناء على هذا التصور فيجب معاقبتهم بلا هوادة ولا رأفة. هنا أختلف أنا مع هذا التصور وأرى أنه خاطئ فهم ليسوا بمجرمين حتى تجب معاقبتهم لأنهم في الحقيقة ضحايا قبل كل شيء , ولا تستغرب أيها القارئ الكريم لو قلت لك أنهم يستحقون شهادات تقدير على هذا العمل الاحتسابي! حيث أنهم وعوا الدرس تماماً وطبقوه أي نقلوه من التنظير إلى التطبيق على أرض الواقع, ولا يستطيع فعل ذلك إلا من يتمتع بمستوى فهم عالي يتقبل المعرفة ويستوعبها ويطبقها عملياً .
إنني وبدون شك أدين ممارساتهم الطائشة واللامسؤولة وأؤكد على أن ما فعلوه خطئاً فادحاً في حق دينهم ثم ولاة أمرهم ثم وطنهم ومجتمعهم, ولكني مع ذلك لا ألومهم لأنهم كما قلت ضحايا! نعم ضحايا للمنهج التعليمي فهو الذي أعدهم على مدى سنوات طويلة لأن يتصرفوا مثل هذا التصرف في هذا الموقف, فمن الملوم إذن ؟ إنه التعليم أو إن شئت قل السياسة التعليمية برمتها.
إن هؤلاء الشباب الصغار المتحمسين – أو حزب التشغيب كما أحب أن أسميه – تعرضوا وعلى مدى ستة عشر عاماً إلى حقن مكثف ومستمر لثقافةٍ أخرجتهم بهذا الشكل وإن توقف المدرسة بالصيف ناب عنها بالحقن المركز الصيفي وما نحى نحوه وهكذا دواليك حتى تشبعت عقولهم الباطنة بثقافة احتسابية مشوبة بالأخطاء , علماً بأن المسلم المؤمن يتوق دائما إلى الاحتساب وهو عمل جليل لا شك لكن يجب أن يكون وفقاً للضوابط والشروط التي وضعها العلماء الربانيون, أما ما يتعلمه الطلاب في المنهج عن شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيحتاج إلى مراجعة, ولكي يكون هذا القول موثقاً سأسوق إليكم ما ورد في أحد المناهج عن هذه الشعيرة وبدون إسهاب لأنني سبق أن كتبت عنها بالتفصيل, ففي كتاب القراءة العربية الطبعة الأخيرة للصف الثالث المتوسط الفصل الدراسي الثاني يدرس الطالب موضوعاً بعنوان " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" حث الطلاب على الغضب عند رؤية المنكر وشدد على الطلاب أن يغيروا المنكر بأيديهم إن كانوا يستطيعون ففي صفحة 22 وجه الطالب لبعض الآداب عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأمره بالتدرج في ذلك بدءً بالوعظ وانتهاءً بتغيير المنكر باليد فعلى الطالب أن يبدأ بالوعظ وبذكر أدلة الترغيب والترهيب ثم قال نصا:ً "فإن لم يحصل امتثال يستعمل عبارات التأنيب والتعنيف والإغلاظ في القول؛ فإن لم ينفع ذلك غير المنكر بيده فإن عجز ستظهر عليه بالحكومة أو الإخوان" !!!! فكيف يؤمر الطالب وهو في هذا السن باستخدام طريقة التأنيب والتعنيف والإغلاظ لإنكار المنكر؛ ومن الثابت لدى العلماء أن مسألة تغيير المنكر باليد ليس متروكاً لكل شخص, وإلا لحصل تجن ولعمت الفوضى, وإنما يقوم به ولي الأمر, أو من له ولاية من جهة ولي الأمر، أو من جهة جماعته, كما قال بذلك الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وأجمع عليه بقية علماء هذه البلاد.
إنني وبدون شك أدين ممارساتهم الطائشة واللامسؤولة وأؤكد على أن ما فعلوه خطئاً فادحاً في حق دينهم ثم ولاة أمرهم ثم وطنهم ومجتمعهم, ولكني مع ذلك لا ألومهم لأنهم كما قلت ضحايا! نعم ضحايا للمنهج التعليمي فهو الذي أعدهم على مدى سنوات طويلة لأن يتصرفوا مثل هذا التصرف في هذا الموقف, فمن الملوم إذن ؟ إنه التعليم أو إن شئت قل السياسة التعليمية برمتها.
إن هؤلاء الشباب الصغار المتحمسين – أو حزب التشغيب كما أحب أن أسميه – تعرضوا وعلى مدى ستة عشر عاماً إلى حقن مكثف ومستمر لثقافةٍ أخرجتهم بهذا الشكل وإن توقف المدرسة بالصيف ناب عنها بالحقن المركز الصيفي وما نحى نحوه وهكذا دواليك حتى تشبعت عقولهم الباطنة بثقافة احتسابية مشوبة بالأخطاء , علماً بأن المسلم المؤمن يتوق دائما إلى الاحتساب وهو عمل جليل لا شك لكن يجب أن يكون وفقاً للضوابط والشروط التي وضعها العلماء الربانيون, أما ما يتعلمه الطلاب في المنهج عن شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيحتاج إلى مراجعة, ولكي يكون هذا القول موثقاً سأسوق إليكم ما ورد في أحد المناهج عن هذه الشعيرة وبدون إسهاب لأنني سبق أن كتبت عنها بالتفصيل, ففي كتاب القراءة العربية الطبعة الأخيرة للصف الثالث المتوسط الفصل الدراسي الثاني يدرس الطالب موضوعاً بعنوان " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" حث الطلاب على الغضب عند رؤية المنكر وشدد على الطلاب أن يغيروا المنكر بأيديهم إن كانوا يستطيعون ففي صفحة 22 وجه الطالب لبعض الآداب عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأمره بالتدرج في ذلك بدءً بالوعظ وانتهاءً بتغيير المنكر باليد فعلى الطالب أن يبدأ بالوعظ وبذكر أدلة الترغيب والترهيب ثم قال نصا:ً "فإن لم يحصل امتثال يستعمل عبارات التأنيب والتعنيف والإغلاظ في القول؛ فإن لم ينفع ذلك غير المنكر بيده فإن عجز ستظهر عليه بالحكومة أو الإخوان" !!!! فكيف يؤمر الطالب وهو في هذا السن باستخدام طريقة التأنيب والتعنيف والإغلاظ لإنكار المنكر؛ ومن الثابت لدى العلماء أن مسألة تغيير المنكر باليد ليس متروكاً لكل شخص, وإلا لحصل تجن ولعمت الفوضى, وإنما يقوم به ولي الأمر, أو من له ولاية من جهة ولي الأمر، أو من جهة جماعته, كما قال بذلك الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وأجمع عليه بقية علماء هذه البلاد.
أتمنى أن لا نعنف حزب تشغيب فلم مناحي ولا نعاقبهم وإن أردنا علاج هذه الظاهرة فيجب معالجة الأسباب لا الأعراض وإلا فسيخرج من كل مدرسة حزب تشغيب جديد.
الخميس، 11 يونيو 2009
هذه مكتبة مدرستي … فهل حاربنا التطرف فعلاً؟؟
بعد أن عانت المملكة وعلى مدى ثلاثة عشر عاماً من الإرهاب وثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الفكر الإرهابي الذي عانينا من شروره هو امتداد لفكر الخوارج بعد أن احتضنته بعض الجماعات الإسلامية وروجت له عبر منظريها ودعاتها ومبشريها عبر جميع الوسائل وتأثر بهم كثير من أبناء هذه البلاد فكفروا الدولة وفخخوا السيارات وقتلوا الأبرياء وفجروا وعاثوا في البلاد والعباد فسادا؛ً إلا أنني لم أكن أصدق بأن أكبر منظري هذه الجماعات لم يزل متروكاً لهم الحبل على الغارب يسممون عقول طلابنا عبر كتبهم ومؤلفاتهم التي تملأ مكتبات مدارسنا ونحن ندعي أننا نحارب التطرف والغلو.
خلال مسيرتي التعليمية القصيرة ( ثمان سنوات) عملت في ثلاث مدارس للمرحلة الثانوية أولهن كانت في وسط مدينة بريدة. خلال هذه المدة تكونت لدي قناعة بعدم جدوى المكتبة المدرسية بالنسبة لي ولمدرسي المواد العلمية؛ فكل محتواها كتب دينية – وهذا أمر طيب لو أحسن الاختيار – إلا أنه لابد كذلك من وجود كتب للعلوم الأخرى بحكم أن هذه المدارس ليست مدارس للعلوم الشرعية فقط بل يتعلم الطالب فيها أيضاً علوم اللغة العربية والعلوم الإدارية والعلوم الاجتماعية والحاسب الآلي واللغة الإنجليزية والعلوم الطبيعية والرياضيات وغيرها, وافتقار المكتبة إلى هذا الأنواع من العلوم أوجد لدينا جيلاً لا يملك أدنى قدر من الثقافة فضلاًَ عن تحصيله العلمي المتدني, وخير شاهد على ذلك نتائج اختبار القدرات العامة للمرحلة الثانوية.
إن وجود الكتب الدينية اللامنهجية في المكتبة أمر محمود إلا أن حسن النية والتساهل بالطريقة التي تجلب بها هذه الكتب إلى المكتبات قديماً وحاضراً؛ استغل من قبل أصحاب التوجه المشبوه لتكديس بعض الكتب المتطرفة التي ألفها منظري الإرهاب بطريقة ذكية فجعلوا عنوانها يطرب له المسلم بينما مضمونها خلاصة للفكر الخارجي التكفيري وبصياغة أذكى, وكنت قد كتبت عن ذلك قبل ثلاث سنوات مقالاً في أحد الصحف أطالب فيه بإعادة النظر إلى مكتباتنا وما تحويه ولكن لا حياة لمن تنادي وهذا الأمر جعلني اعتزل تلك المكتبات ولا آخذ الطلاب لها أثناء حصص الانتظار لعلمي بأنها تضرهم أكثر مما تنفعهم.
في الأسبوع الماضي حصل أمر جعلني أنهي مقاطعتي لمكتبتنا المدرسية وهو ورود تعميم من معالي نائب وزير التربية والتعليم الدكتور سعيد المليص يحمل الرقم 458/ ت /50 والتاريخ 7/11/1429هـ بخصوص سحب كتاب ( سيد قطب المفترى عليه ) وكتاب ( الجهاد في سبيل الله ) وبعد أن أكد لي أمين مصادر التعلم أنه قام بما أمره التعميم به, ولكن على ما قال المثل العربي القديم يا فرحة ما تمت ! أتدرون لماذا ؟ لأنه أثناء جولتي على هذه المكتبة الصغيرة والتي لا يتجاوز عدد كتبها المائة كتاب وجدت الكتب التالية : العدالة الاجتماعية في الإسلام (نسخة واحدة) و معالم في الطريق ( نسخة واحدة) و خصائص التصور الإسلامي ومقوماته (ثلاث نسخ) و المستقبل لهذا الدين (نسختان) وكلها للمؤلف سيد قطب, تخيلوا معي ؛كل هذ النسخ المكررة موجودة في المكتبة الصغيرة جداً !! بينما لم أجد كتاباً واحداً لضالتي في الكيمياء, ثم قفلت راجعاً ودخلت في نقاش ساخن مع أمين المكتبة لعدم مصادرته هذه الكتب فقال: لن أخرج عن نص التعميم ولن أخالف النظام! قلت له: هل تريدني أن آتي لك من بطون هذه الكتب بما هو أشد خطراً على الطلاب من الكتابين الذين صادرت ؟! فقال : ليس قبل أن تكتب لهم ويأتيني تعميماً آخر !! فقلت : إن محاربة الغلو والتطرف بالنسبة لي لا يحتاج تعميماً, في هذه الأثناء قطع نقاشنا صوت معلم آخر كان مستلق على الأريكة فاستوى في جلسته قائلاً: يا مستر محمد ترى ما كل مرة تسلم الجرة !! هنا فهمت ماذا يقصد بالضبط.
خلال مسيرتي التعليمية القصيرة ( ثمان سنوات) عملت في ثلاث مدارس للمرحلة الثانوية أولهن كانت في وسط مدينة بريدة. خلال هذه المدة تكونت لدي قناعة بعدم جدوى المكتبة المدرسية بالنسبة لي ولمدرسي المواد العلمية؛ فكل محتواها كتب دينية – وهذا أمر طيب لو أحسن الاختيار – إلا أنه لابد كذلك من وجود كتب للعلوم الأخرى بحكم أن هذه المدارس ليست مدارس للعلوم الشرعية فقط بل يتعلم الطالب فيها أيضاً علوم اللغة العربية والعلوم الإدارية والعلوم الاجتماعية والحاسب الآلي واللغة الإنجليزية والعلوم الطبيعية والرياضيات وغيرها, وافتقار المكتبة إلى هذا الأنواع من العلوم أوجد لدينا جيلاً لا يملك أدنى قدر من الثقافة فضلاًَ عن تحصيله العلمي المتدني, وخير شاهد على ذلك نتائج اختبار القدرات العامة للمرحلة الثانوية.
إن وجود الكتب الدينية اللامنهجية في المكتبة أمر محمود إلا أن حسن النية والتساهل بالطريقة التي تجلب بها هذه الكتب إلى المكتبات قديماً وحاضراً؛ استغل من قبل أصحاب التوجه المشبوه لتكديس بعض الكتب المتطرفة التي ألفها منظري الإرهاب بطريقة ذكية فجعلوا عنوانها يطرب له المسلم بينما مضمونها خلاصة للفكر الخارجي التكفيري وبصياغة أذكى, وكنت قد كتبت عن ذلك قبل ثلاث سنوات مقالاً في أحد الصحف أطالب فيه بإعادة النظر إلى مكتباتنا وما تحويه ولكن لا حياة لمن تنادي وهذا الأمر جعلني اعتزل تلك المكتبات ولا آخذ الطلاب لها أثناء حصص الانتظار لعلمي بأنها تضرهم أكثر مما تنفعهم.
في الأسبوع الماضي حصل أمر جعلني أنهي مقاطعتي لمكتبتنا المدرسية وهو ورود تعميم من معالي نائب وزير التربية والتعليم الدكتور سعيد المليص يحمل الرقم 458/ ت /50 والتاريخ 7/11/1429هـ بخصوص سحب كتاب ( سيد قطب المفترى عليه ) وكتاب ( الجهاد في سبيل الله ) وبعد أن أكد لي أمين مصادر التعلم أنه قام بما أمره التعميم به, ولكن على ما قال المثل العربي القديم يا فرحة ما تمت ! أتدرون لماذا ؟ لأنه أثناء جولتي على هذه المكتبة الصغيرة والتي لا يتجاوز عدد كتبها المائة كتاب وجدت الكتب التالية : العدالة الاجتماعية في الإسلام (نسخة واحدة) و معالم في الطريق ( نسخة واحدة) و خصائص التصور الإسلامي ومقوماته (ثلاث نسخ) و المستقبل لهذا الدين (نسختان) وكلها للمؤلف سيد قطب, تخيلوا معي ؛كل هذ النسخ المكررة موجودة في المكتبة الصغيرة جداً !! بينما لم أجد كتاباً واحداً لضالتي في الكيمياء, ثم قفلت راجعاً ودخلت في نقاش ساخن مع أمين المكتبة لعدم مصادرته هذه الكتب فقال: لن أخرج عن نص التعميم ولن أخالف النظام! قلت له: هل تريدني أن آتي لك من بطون هذه الكتب بما هو أشد خطراً على الطلاب من الكتابين الذين صادرت ؟! فقال : ليس قبل أن تكتب لهم ويأتيني تعميماً آخر !! فقلت : إن محاربة الغلو والتطرف بالنسبة لي لا يحتاج تعميماً, في هذه الأثناء قطع نقاشنا صوت معلم آخر كان مستلق على الأريكة فاستوى في جلسته قائلاً: يا مستر محمد ترى ما كل مرة تسلم الجرة !! هنا فهمت ماذا يقصد بالضبط.
الجمعة، 6 فبراير 2009
فشل المناصحة ونجاح قوات الأمن ضربة لتصريحات النجيمي
منذ أن بدأت لجنة المناصحة في عام 2003 وهناك الكثير ممن يشكك في مدى فعاليتها وجدواها مع المتطرفين الإرهابيين وما بين فينة وأخرى يخرج علينا عضو المناصحة الدكتور محمد النجيمي مشدداً على أهمية المناصحة ومشيداً بنجاحها, فقد قال في أحد اللقاءات معه:" هذه اللجنة نجحت نجاحاً باهراً" وذهب بعيداً وراء الهدف الأمني إلى هدف أخروي حيث حرص على مناصحة من حكم عليه بالقتل لئلاً يعذب في الآخرة فيقول: "لا نريد من قتل الناس وحكم عليه بالقتل أن يموت إلا وهو على العقيدة الصحيحة" " العربية نت " 27 أبريل 2007 "وهنا تتجلى الرحمة والشفقة عليهم حتى بعد الممات جزاه الله خيراً !. أما مسألة ثناء دول العالم على برنامج المناصحة وطلبها الخبرات في هذا المجال فلن أعلق عليه لأنها - أي الدول- تقيم النتائج وتتعامل معها بشكل أكثر حرفية ودقة مما ينتهجه المناصحون.
إنني لا أقلل من شأن المناصحة بشكل عام ولكن يجب ألا تكون مع الأشخاص الخطأ فهذا هدر للوقت والجهد والمال. قد تكون مجدية مع المتعاطفين أكثر من المتعاطف معهم فالفئة الأولى مترددة بينما الثانية واثقة يصعب إقناعها أو كبح غليان العنف في عقولها المتحجرة أو تغيير أفكار التكفير الراسخة لديها كعقيدة لا يمكن زحزحتها عنها. هؤلاء في جسد الأمة الإسلامية كالسرطان الخبيث لا خلاص منه إلا بالاستئصال.
أعتقد أن لجنة المناصحة تعرضت لخدعة خبيثة من الذين تم نصحهم من الموقوفين خصوصاً وهم يعلمون أنه سيفرج عنهم إن استجابوا لنصح للناصحين, والغريب أنه ذلك يتكرر ولا تتعلم اللجنة الدرس فقبل أيام عاد سعيد الشهري ومحمد العوفي إلى تنظيم القاعدة بعد أن أظهرا – هما ومن معهما من المفرج عنهم - أنهما تخليا عن أفكار القاعدة وتابا ورجعا إلى الطريق المستقيم والعقيدة الصحيحة. ثم بعد عشرة أيام تقريباً يتضح أن من بين الخمسة والثمانين الذين أعلنت عنهم وزارة الداخلية عشرة من العائدين من غوانتانامو بحسب صحيفة الحياة اليوم الأربعاء، 04 شباط، 2009 أي أنهم مروا على لجنة المناصحة ولم يعلق النجيمي على ذلك إلا بوصفهم بناكري الجميل " الوطن, اليوم الأربعاء العدد 3050" .
إن نجاح قوات الأمن – لا لجان المناصحة – هو الذي دفع هذه الأعداد الكبيرة إلى الهروب خارج المملكة وبرأيي أنه يجب أن نتوقف عن خداع أنفسنا بجدوى مناصحة هؤلاء الخوارج المرضى النفسيين وإطلاق سراحهم, وإلا فإننا سنساهم في زيادة أعدادهم من حيث لا ندري, خصوصاً أنهم يعتبرون أن الرياح الآن مواتية لهم مع تولي الديمقراطي باراك أوباما رئاسة الولايات المتحدة وإعلانه أنه سيغلق معتقل غوانتانامو وهذا يعني خروج الكثير من الدبابير الإرهابية الغاضبة التي ستساهم في إعادة الحياة لبقية الخلايا النائمة أو الضعيفة في أنحاء كثيرة من العالم وسينشط المبشرون بها في كل مكان مدعين النصر, وسيكثر الأتباع إن لم يتدارك الوضع. فلم تعد نافعة معهم لا المناصحة ولا المميزات التي قدمت لهم من مال وتسهيل زواج ووظائف وغيرها الكثير, لذا يجب على الأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية – وهي الأكثر خبرة بخدعهم وحيلهم – أن تضع حداً لذلك وتعجل في زفهم إلى حيث لا يعود لهم خطر على البلاد والعباد.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)