السبت، 13 يونيو 2009

مشاغبي فلم مناحي يحييكم التعليم

يتفق الإنسان العادي وغيره على أن ما فعله مجموعة من الشباب الصغار المتحمسين للاحتساب, من محاولة لإيقاف عرض فلم "مناحي" هو جرم خطير وقفز على القوانين وتمرد على النظام, إلا أن الإنسان العادي يرى أنهم مجرمون ومتطرفون وعدوانيون, ويحملون في عقولهم الباطنة أيديولوجيا فاسدة حملوها من مواقع الإنترنت المشبوهة أو من ملاليهم الضالين المضلين, وبناء على هذا التصور فيجب معاقبتهم بلا هوادة ولا رأفة. هنا أختلف أنا مع هذا التصور وأرى أنه خاطئ فهم ليسوا بمجرمين حتى تجب معاقبتهم لأنهم في الحقيقة ضحايا قبل كل شيء , ولا تستغرب أيها القارئ الكريم لو قلت لك أنهم يستحقون شهادات تقدير على هذا العمل الاحتسابي! حيث أنهم وعوا الدرس تماماً وطبقوه أي نقلوه من التنظير إلى التطبيق على أرض الواقع, ولا يستطيع فعل ذلك إلا من يتمتع بمستوى فهم عالي يتقبل المعرفة ويستوعبها ويطبقها عملياً .
إنني وبدون شك أدين ممارساتهم الطائشة واللامسؤولة وأؤكد على أن ما فعلوه خطئاً فادحاً في حق دينهم ثم ولاة أمرهم ثم وطنهم ومجتمعهم, ولكني مع ذلك لا ألومهم لأنهم كما قلت ضحايا! نعم ضحايا للمنهج التعليمي فهو الذي أعدهم على مدى سنوات طويلة لأن يتصرفوا مثل هذا التصرف في هذا الموقف, فمن الملوم إذن ؟ إنه التعليم أو إن شئت قل السياسة التعليمية برمتها.
إن هؤلاء الشباب الصغار المتحمسين – أو حزب التشغيب كما أحب أن أسميه – تعرضوا وعلى مدى ستة عشر عاماً إلى حقن مكثف ومستمر لثقافةٍ أخرجتهم بهذا الشكل وإن توقف المدرسة بالصيف ناب عنها بالحقن المركز الصيفي وما نحى نحوه وهكذا دواليك حتى تشبعت عقولهم الباطنة بثقافة احتسابية مشوبة بالأخطاء , علماً بأن المسلم المؤمن يتوق دائما إلى الاحتساب وهو عمل جليل لا شك لكن يجب أن يكون وفقاً للضوابط والشروط التي وضعها العلماء الربانيون, أما ما يتعلمه الطلاب في المنهج عن شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيحتاج إلى مراجعة, ولكي يكون هذا القول موثقاً سأسوق إليكم ما ورد في أحد المناهج عن هذه الشعيرة وبدون إسهاب لأنني سبق أن كتبت عنها بالتفصيل, ففي كتاب القراءة العربية الطبعة الأخيرة للصف الثالث المتوسط الفصل الدراسي الثاني يدرس الطالب موضوعاً بعنوان " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" حث الطلاب على الغضب عند رؤية المنكر وشدد على الطلاب أن يغيروا المنكر بأيديهم إن كانوا يستطيعون ففي صفحة 22 وجه الطالب لبعض الآداب عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأمره بالتدرج في ذلك بدءً بالوعظ وانتهاءً بتغيير المنكر باليد فعلى الطالب أن يبدأ بالوعظ وبذكر أدلة الترغيب والترهيب ثم قال نصا:ً "فإن لم يحصل امتثال يستعمل عبارات التأنيب والتعنيف والإغلاظ في القول؛ فإن لم ينفع ذلك غير المنكر بيده فإن عجز ستظهر عليه بالحكومة أو الإخوان" !!!! فكيف يؤمر الطالب وهو في هذا السن باستخدام طريقة التأنيب والتعنيف والإغلاظ لإنكار المنكر؛ ومن الثابت لدى العلماء أن مسألة تغيير المنكر باليد ليس متروكاً لكل شخص, وإلا لحصل تجن ولعمت الفوضى, وإنما يقوم به ولي الأمر, أو من له ولاية من جهة ولي الأمر، أو من جهة جماعته, كما قال بذلك الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وأجمع عليه بقية علماء هذه البلاد.
أتمنى أن لا نعنف حزب تشغيب فلم مناحي ولا نعاقبهم وإن أردنا علاج هذه الظاهرة فيجب معالجة الأسباب لا الأعراض وإلا فسيخرج من كل مدرسة حزب تشغيب جديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق