بادئ ذي بدء أهنئ الشعب السعودي الكريم بعودة الملك المفدى خادم الحرمين الشريفين سالماً معافى بعد رحلته العلاجية وأدام الله عليه الصحة والعافية. أعترف أن عباراتي تقف عاجزة أمام قامة الملك عبد الله؛ فلكي أكتب عن الكاريزما التي حباه الله إياها فسأحتاج إلى أطنان من الورق وبحر من المداد, أما لو أردت أن أسرد إنجازاته منذ أن تولى الحكم إلى هذه اللحظة فسأكون كمن يحاول أن يعد حبات الرمل في صحراء الربع الخالي؛ لذا سأدع هذا الأمر الذي لا أستطيعه وسأتجاوزه إلى ما أستطيع.
غداً إن شاء الله سيعود الملك إلى وطنه وشعبه حسب ما أعلن الديوان الملكي في بيانه الليلة, تلقيت هذا الخبر بفرحة غامرة وبشعور أعجز عن وصفه, لا يماثله إلا شعور الابن عندما يلتقي أبيه بعد غياب طويل, كنت قبل الاستماع إلى البيان أقلب في القنوات الفضائية متابعاً تطورات الأحداث في ليبيا الشقيقة, وبعده استمعت إلى كلمة " الزعيم" معمر القذافي وهو بالمناسبة حتى هذه اللحظة لا يزال رئيساً لليبيا, ضحكت كثيراً لدرجة أنني أشفقت عليه, فحالته النفسية السيئة و"نرفزته" الواضحة وجنون العظمة لديه كلها أمراض لم يستطع أن يتعافى منها وهي نفسها التي أوقعته في مأزق عندما حاول أن يتطاول على العاهل السعودي خلال القمة العربية في شرم الشيخ عام 2003م ولكن الملك كان له بالمرصاد؛ أقول: بين البيان والخطاب دارت في مخيلتي مقارنات كثيرة كل زوج منها على طرفي نقيض وسأكتفي بواحدة منها؛ غداً في السعودية عرس كبير وتظاهرة فرح بقدوم ملك الإنسانية, وفي ليبيا تظاهرة تطالب برحيل معمر القذافي. وهذه المقارنة تختصر الفرق بين الملك العادل والرئيس الظالم بين من ترك الألقاب الفخمة واختار لنفسه لقب خادم الحرمين الشريفين وبين من يلزمك سطران لتكتب ألقابه قبل أن تصل لاسمه, بين من يقول لشعبه " أنا بخير ما دمتم بخير" وبين من يحتقر شعبه على شاشات القنوات, بين من يفيض تواضعاً وبين من احتشى كبرياءً وجنون عظمة, بين الملك عبد الله ومعمر القذافي.
الحمد الله الذي ولى علينا خيارنا وأسأله العلي العظيم أن يديم هذا الحب والتلاحم بين القيادة والشعب وأن يحفظ لنا مليكنا إنه سميع مجيب.